لنكمل حديثنا عن الألعاب الكلاسيكية
Daytona USA: أسطورة سباقات الأركيد
في عام 1994، أطلقت Sega لعبتها الأيقونية Daytona USA، تحفة فنية من تطوير فريق Sega AM2. استلهم الفريق اللعبة من الشعبية الطاغية لسباقات ناسكار في الولايات المتحدة، ليقدموا للاعبين تجربة سباقات مثيرة بسيارات مصممة خصيصًا لهذا النوع من المنافسات، وذلك عبر ثلاثة حلبات سباق متنوعة ومختلفة. حققت Daytona USA إنجازًا تاريخيًا بكونها أول لعبة تصدر على نظام Sega Model 2 المتطور للأركيد. منذ إطلاقها في مارس 1994، سرعان ما تصدرت اللعبة قائمة أنجح ألعاب الأركيد من حيث الإيرادات، محطمةً الأرقام القياسية ومتربعةً على عرش ألعاب السباقات.
لتحقيق هذه القفزة النوعية في عالم الألعاب، تعاونت Sega مع شركة GE Aerospace لتطوير منصة Model 2. أتاحت هذه المنصة رسومات ثلاثية الأبعاد غاية في الدقة والوضوح، مما أضفى على اللعبة طابعًا واقعيًا غير مسبوق. انطلقت فكرة تطوير اللعبة خلال اجتماع لرؤساء مكاتب Sega الإقليمية، بهدف اختيار مشروع يبرز الإمكانات الهائلة لهذا العتاد الجديد. توم بيتيت، رئيس فرع الأركيد الأمريكي، هو من اقترح الفكرة، بينما تولى توشيهيرو ناجوشي، المخرج المبدع في فريق AM2، مهمة تطوير الفكرة وتحويلها إلى واقع ملموس، ليقوم لاحقًا بإخراج اللعبة وإنتاجها. كان هدف Sega واضحًا وطموحًا: التفوق على لعبة Ridge Racer التي أطلقتها Namco في عام 1993، وإرساء معايير جديدة في عالم ألعاب السباقات.
لم يدخر المطورون جهدًا في سبيل تحقيق الكمال، فقد خصصوا وقتًا مطولًا للبحث والتدقيق في كل تفاصيل عالم سباقات السيارات. قاموا برسم خريطة تفصيلية لحلبة Daytona International Speedway بدقة متناهية، مستفيدين من خبرتهم الثرية في تطوير لعبة Virtua Racing، والتي منحتهم فهمًا عميقًا لتقنيات الإضاءة والتحكم بالكاميرا.
حظيت Daytona USA باستقبال حافل من النقاد واللاعبين على حد سواء، محققةً نجاحًا تجاريًا ونقديًا باهرًا. نالت رسوماتها المذهلة وطريقة اللعب المبتكرة إشادة واسعة النطاق، وأصبحت اللعبة حديث الساعة في أوساط محبي ألعاب الفيديو. في عام 1995، أُطلقت نسخة مخصصة لجهاز Sega Saturn، تلتها العديد من الإصدارات المحسنة والتكميلية، سواء للأجهزة المنزلية أو لصالات الأركيد. ترسخت مكانة Daytona USA في تاريخ الألعاب كواحدة من أعظم ألعاب الفيديو على الإطلاق، ولا تزال تحظى بالإشادة والتقدير حتى يومنا هذا.
في Daytona USA، يتقمص اللاعب دور سائق سيارة سباق من نوع stock تُعرف باسم Hornet، ويهدف إلى التفوق على المنافسين وإكمال السباق قبل نفاد الوقت. لتحقيق ذلك، يجب على اللاعب عبور نقاط التفتيش (checkpoints) المنتشرة على طول المسار، والتي تمنحه وقتًا إضافيًا. يبدأ اللاعب السباق من المركز الأخير، ويتنافس ضد ما يصل إلى 39 سيارة أخرى يقودها الذكاء الاصطناعي. يعتمد عدد المنافسين على المضمار الذي يتم اختياره. تتوفر ثلاثة مضامير سباق مختلفة، تتفاوت في مستوى الصعوبة: مضمار للمبتدئين، ومضمار للمحترفين، ومضمار للخبراء، وتُعرف هذه المضامير بأسماء Three Seven Speedway وDinosaur Canyon وSeaside Street Galaxy على التوالي.
تتميز اللعبة بنظام صعوبة ذكي ومتكيف، حيث يتم تقييم مستوى مهارة اللاعب خلال اللفة الأولى من السباق، وبناءً على ذلك، يتم تعديل سلوك المنافسين. اللاعبون الأقل خبرة سيجدون منافسين يفتحون لهم المجال ويسهلون عليهم التقدم، بينما سيواجه اللاعبون الأكثر مهارة سيارات تحاول إعاقة تقدمهم ومنعهم من الفوز. تتضمن فيزياء اللعبة ميكانيكيات قيادة واقعية، مثل الانزلاق والدوران المنجرف، مما يضفي على اللعبة طابعًا واقعيًا ومثيرًا. يتميز المقود في جهاز الأركيد بتقنية الارتداد القسري، التي تجعل اللاعب يشعر بالاهتزازات والارتطامات والمطبات أثناء القيادة. لتغيير السرعات، يتم استخدام ناقل حركة على شكل حرف H، مما يزيد من واقعية تجربة القيادة.
تعمل نسخة الأركيد على نظام Model 2 من Sega، الذي يتميز بقدرات رسومية فائقة. يمكن للنظام عرض ما يصل إلى 300,000 مضلع مكسيّ (Texture mapping) في الثانية، أي ما يقرب من ضعف قدرة النظام السابق Model 1. لتعزيز جودة الرسومات، تُستخدم تقنيات الترشيح (Texture filtering)، مما يجعل الصورة أكثر وضوحًا ونقاءً. تتيح الكاميرا في اللعبة أربعة زوايا عرض مختلفة، بالإضافة إلى إمكانية مشاهدة السيارة من الخلف، مما يمنح اللاعب حرية اختيار الزاوية التي تناسبه.
تسمح أجهزة الأركيد المرتبطة بأن يتنافس ما يصل إلى ثمانية لاعبين في وقت واحد، مما يضفي على اللعبة طابعًا اجتماعيًا ومثيرًا. قد تحتوي الإصدارات الفاخرة على كاميرا موجهة نحو مقعد السائق، لعرض صورة اللاعب على شاشة منفصلة، مما يزيد من حماس المنافسة. في وضع اللعب الجماعي، يُحتسب الوقت بحسب وصول المتصدر إلى نقطة التفتيش (checkpoint) فقط، وتُستخدم آلية اللحاق التلقائي لإبقاء جميع اللاعبين في قلب المنافسة ومنعهم من الاستسلام.
تفتقر نسخة Sega Saturn إلى طور اللعب الجماعي، لكنها تتضمن وضعًا إضافيًا يسمى “Saturn”، والذي يقوم بإيقاف المؤقت وإضافة سيارات جديدة يمكن للاعب الاختيار من بينها. توجد أيضًا أوضاع إضافية مثل “Endurance” و”Grand Prix”، والتي تتطلب التوقف في منطقة الصيانة، حيث يؤثر الضرر الذي تتعرض له السيارة خلال السباق على أدائها. أما النسخ الخاصة بـ PlayStation 3 و Xbox 360، فتتضمن طور لعب جماعي عبر الإنترنت يدعم ما يصل إلى ثمانية لاعبين، مما يتيح للاعبين من جميع أنحاء العالم التنافس والتحدي.